# # # #
   
 
 
[ 25.09.2009 ]
25 من ناشطي المجتمع المدني السوداني‏ يوجهون رسالة مفتوحة لمؤتمر جوبا




رسالة مفتوحة إلى مؤتمر جوبا:

من المستحيل تحصين المستقبل بدون مواجهة الماضي!

16 سبتمبر 2009

السادة/ قادة وممثلو الأحـزاب

والقوى الاجتماعية والمراقبون في مؤتمر جوبا

نتطلع، نحن الموقعون أدناه، مثلنا مثل بقية السودانيين، إلى أن يفتح مؤتمركم المقرر في 26/9/2009 آفاقاً جديدة لتطور بلادنا السياسي من خلال الالتزام بالاتفاقيات الموقعة، وتعزيز السلام، واحترام العدالة وحقوق الإنسان. لقد كنتم محقين تماماً في وضع "مواجهة الماضي" في صدر جدول أعمالكم (البند الأول: المصالحة الوطنية وتضميد الجراح حجر زاوية لإحلال السلام الشامل بالبلاد).

لقد تعلمنا، من الناحية السياسية، وبثمن باهظ للأسف، أن فشلنا المتكرر في تجربة بنائنا الوطني لا يمكن مواجهته بدون تصفية التركة المثقلة من انتهاكات حقوق الإنسان، التي دفع ثمنها، في لحظات مختلفة من تاريخنا الحديث، وفي حالتي الحرب والسلم، سودانيون من مختلف التكوينات القومية ومناحي الحياة. ولا ننطلق في ذلك من فراغ؛ فبالإضافة إلى التجارب الثرية التي راكمتها الشعوب، على هذا الصعيد، في أكثر من أربعين بلداً، في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وغيرها، وذلك في منعطفات انتقالها من الحرب إلى السلام، ومن الشمولية إلى الديمقراطية وحكم القانون، شكل توق السودانيين للعدل وإنصاف ضحايا تلك الانتهاكات مصدر إلهام أساسي بهذه المطالبة.

أما من الناحية التواثقية، فتنص المادة 21 من الدستور القومي الانتقالي، المستمد من اتفاقية السلام الشامل، على أن "تبتدر الدولة عملية شاملة للمصالحة الوطنية وتضميد الجراح من أجل تحقيق التوافق الوطني والتعايش السلمي بين جميع السودانيين". كما تقضي اتفاقية سلام دارفور، على علاتها، بحق ضحايا النـزاع في التعويضات. ويجدر أن نذكر، أيضاً، أن الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان قد وافقتا، من ذات هذا المنطلق،  خلال مفاوضاتهما بنيفاشا، على إسقاط فقرة كانت تنص، في مشروع اتفاقهما، على العفو الشامل عن جرائم الحرب.

وفي مستوى المجتمع المدني لم يكف المدافعون عن حقوق الإنسان ودعاة العدالة الانتقالية وأسر الضحايا عن المطالبة بالانتصاف، وفتح ملفات جميع الانتهاكات، كخطوة لا مفر منها نحو مصالحة تغلق الباب أمام تكرار جرائم الماضي.

لذا، وتأسيساً على واجبنا جميعاً، الأخلاقي والسياسي والقانوني، كسودانيين مشغولين بمستقبل بلادنا واستقرارها، فقد آن الأوان لبلورة إطار شامل ومتكامل لكيفية التعامل مع تلك الانتهاكات، وتجاوز ميراث "عفا الله عما سلف"، الذي لم نجن من وراءه سوى إشاعة سياسة وثقافة  الافلات من العقاب؛ ولا نجد أنسب من مؤتمركم هذا للتصدي لهذه المهمة.

لقد برز في السنوات الأخيرة مفهوم (العدالة الانتقالية) ليشير إلى تلك العملية المركبة التي ترتبط بسعي مختلف المجتمعات لضمان إنفاذ شكل من العدالة يلائم المحاسبية على الجرائم الواسعة تمهيداً لتحقيق المصالحة الوطنية، الأمر الذي يفترض، بطبيعته، عدم الاقتصار على آلية واحدة مهما كانت نجاعتها. فتجارب العدالة الانتقالية تنهض، في مختلف أنحاء العالم، على آليات قضائية وغير قضائية، بما في ذلك (لجان الحقيقة)، والمحاكمات التقليدية، وبرامج التعويضات، وجبر الضرر، والإصلاحات المؤسسية.

إن أهم ما في الإطار الذي ندعوكم لبلورته أن يساعد على كشف الأسباب الجذرية للنزاعات، وما اقترن بها من انتهاكات للحقوق، بما في ذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وبقدر ما سنتعلم، في هذا الاتجاه، من تجارب الآخرين، فإننا، من خلال الانكباب علي تحديات واقعنا، سنسهم، أيضاً، ودون أدنى شك، في إثراء خبرات العدالة الانتقالية ذاتها، نظرية وممارسة.

ونؤكد، مجدداً، ثقتنا في إمكانية أن يشكل مؤتمركم بداية حوار وطني مطلوب، تشارك فيه أوسع فئات المجتمع، وتنظيمات قواه المختلفة في الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، وبالأخص ضحايا الانتهاكات والنـزاعات والدكتاتوريات المتعاقبة. ومن ثمَّ فإننا نتوجه بالمطالبة، أيضاً، لحكومة الوحدة الوطنية، وحكومة الجنوب، وحكومات الولايات، كي تتيح الحرية كاملة لهذه القوى الاجتماعية، باتجاه إجراء حوارها المرغوب فيه هذا، وطلب وتلقي الدعم الفني من مؤسسات الأمم المتحدة، خاصة مكتب المفوض السامي، بوصفه الوكالة الرئيسة المناط بها قيادة عمل نظام الأمم المتحدة في هذا المجال، حسب قرار الأمين العام (A/61/636-S/2006/980)، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني الدولية المتخصصة في هذا المجال، وذلك على غرار ما فعلت هذه القوى في التحضير للانتخابات من خلال الاتفاقيات الفنية مع وكالات الأمم المتحدة ومركز كارتر.

هذا النقاش المفتوح، وهذه المساعدة الفنية، فضلاً، بالطبع، عن توافر القدر الكافي من الإرادة السياسية لدى جميع الأطراف، هي أهم العناصر الضامنة للنجاح في وضع استراتيجية سودانية تتأسس على قراءة دقيقة لواقعنا واحتياجاتنا، وتنهل من أفضل الممارسات في المجتمعات التي تتشابه ظروفها مع بلادنا.

وتفضلوا بقبول صادق تمنياتنا لمؤتمركم بالتوفيق

المخلصون

التوقيعات (مرتبة أبجدياً)

1.     أمير عثمان، مدافع عن حقوق الإنسان

2.     أمين مكي، محام، رئيس المرصد السوداني لحقوق الإنسان

3.     الباقر العفيف، مدير مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية

4.     جمال الدين على التوم، محام ومدافع عن حقوق الإنسان

5.     داليا حاج عمر، مدافعة عن حقوق الإنسان

6.     زينب الصاوي، منسقة برنامج تمكين النساء السودانيات من أجل السلام

7.     زينب بدر الدين، مديرة منظمة المعلم أولاً (علم)

8.     صالح محمود، مدافع عن حقوق الإنسان ونائب برلماني

9.     عائشة خليل الكارب، منظمة السودان للبحوث والتنمية

10.                        عبد السلام حسن عبد السلام، محام ومدافع عن حقوق الإنسان

11.                        عبد المنعم الجاك، مدافع عن حقوق الإنسان

12.                        عثمان حميدة، مدير المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام

13.                        علي العجب، محام ومدافع عن حقوق الإنسان

14.                        عمرو كمال، محام ومدافع عن حقوق الإنسان

15.                        فصيل الباقر، صحفي ومدافع عن حقوق الإنسان

16.                        فهيمة هاشم، مديرة مركز سالمة لمصادر ودراسات المرأة

17.                        فيصل محمد صالح، صحفي، مدير طيبة برس

18.                        كمال الجزولي، محام وكاتب ومدافع عن حقوق الإنسان

19.                        لمياء الجيلى أبوبكر، صحفية وناشطة

20.                        مجدي الجزولي، كاتب

21.                        مجدي النعيم، كاتب ومدافع عن حقوق الإنسان

22.                        محمد جمال الدين ، المنسق العام لشبكة منظمات السودان للسلام والتنمية، هولندا

23.                        نجاة بشرى، ناشطة فى مجال المرأة 

24.                        نجلاء الماحي، محامية، مدافعة عن حقوق الإنسان

25.                        نصر الدين عبد الباري، محامي ومدافع عن حقوق الإنسان

 



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by